Designed by Freepik

dimanche 12 janvier 2014

14 جانفي - ذكرى النكبة

14 جانفي
ذكرى النكبة

أيوب المسعودي
13 جانفي 2014


في الوقت الذي يواجه فيه الشباب الثائر في الجهات الداخلية والأحياء الشعبية آلة القمع في تجلياتها الاقتصادية والاجتماعية، يشيطن الكل الحراك الشعبي وفي أحسن الأحوال يتبرأ منه بتعلة رفض العنف.
بقدرة قادر، أجمع المنتظم السياسي التونسي حكومة ومعارضة على أن من يطالبون اليوم بالتنمية والعدالة الاجتماعية والجهوية هم مأجورون، إرهابيون أو مهربون... فهم بالنسبة للسلطة القائمة مجرد مأجورين يخدمون أجندات الانقلابيين الذين "أربكتهم" استقالة حكومة النهضة ويحاولون، من خلال تعفين الأجواء، تعكير صفو نجاح الانتقال الديمقراطي وفق "النموذج التونسي". في الآن ذاته، هم، في نظر المعارضة، إرهابيون مأجورون ينفذون سياسة الأرض المحروقة التي تريد حركة النهضة من خلالها مزيد إضعاف الدولة وفتح جبهات مواجهة داخلية تنفِّس على الإرهابيين وتفسح لهم مجالا أرحب لتسريب السلاح تأهّبا للحظة الصفر والانقضاض على الدولة المنهكة...
ما نلاحظه ، في كل الحالات، هو أن الشباب اليائس البائس المفقر والمعدم كان ومازال وقود الحروب السياسوية الداخلية منها والخارجية. لا أستغرب، انطلاقا من تجربتي واحتكاكي القصير (والحمد لله) بالطبقة السياسية التونسية المتعفنة، أن تكون التحركات الاجتماعية مخترقة من كلا الطرفين المتنازعين على السلطة... لا يهم في هذه الحالة أن نحلل ونناقش النوايا والمقاصد... ما يهمني في هذا التحليل هو أن الثورة ولدت يتيمة وبقيت كذلك. لقد ركب الأقوياء (الأحزاب السياسية المنظمة والممولة والمدعومة من الخارج) على المد الثوري الذي أجهض ذات 14 جانفي ليروض رويدا رويدا ريثما يستقر النظام العميل الجديد ويضع له حلفاؤه (الناتو والبترودولار القطرائيلي) شروط بقائه وتأمينه (التمويل الحزبي، القواعد العسكرية، الإرهاب الذي يبرر القمع ويؤجل المعركة الاجتماعية الطبقية...).

قد تكون حركة النهضة تخلت، ظاهريا، عن جزء من الحكم أو أداة من أدواته التي أصبحت مكلِفة مع اقتراب موعد الانتخابات وتآكل شعبيتها وانفضاح ضمور برنامجها الاقتصادي والاجتماعي، ولكن من يظن أن حركة النهضة تخلت عن الحكم فهو واهم، إذ ما تزال حركة النهضة تدير العملية السياسية برمتها وما الأزمات المتتالية التي عاش على وقعها الشارع التونسي في الأيام الأخيرة إلا جزء من استراتيجيتها المعهودة المبنية على خلق الأزمات لتمرير خيارات لا شعبية. ففي الوقت الذي ينقسم فيه الشارع حول مسألة الأتاوات وكليات الطب وإجبارية عمل الأطباء الأخصائيين بالمؤسسات العمومية... تحث حركة النهضة الخطى للانتهاء من كتابة الدستور والناس في غفلة من أمرهم منقسمون متخاصمون. وليس من الصدفة أن يصادق على نظام سياسي برلماني صرف (تم تجريد رئيس الدولة المنتخب مباشرة من صلاحياته لصالح حكم الجماعة أو الهيئة (أو الشيخ من وراء ستار)) في عطلة نهاية الأسبوع ويومين فقط قبل تاريخ الذكرى الثالثة للانقلاب على الثورة والتي من المتوقع أن يصادق فيه على مشروع الدستور برمته.

في الآن ذاته تطل علينا بعض البرامج التلفزية لأصحاب القنوات ورجالات الطرابلسية القدماء الجدد هنا وهناك لإعادة طرح قضية 14 جانفي وهروب المخلوع... الهدف واضح : قصف العقول وتخديرها وتعطيل ملكة النقد فيها مع مزيد إرباك المشهد والمشاهد والمشاركة في جريمة التعتيم الممنهجة للقضايا الحيوية والمصيرية : العدالة الاجتماعية والجهوية، التشغيل، الحرب على الفقر والفساد والمحسوبية والزبونية، محاسبة جلادي الشعب، رد الاعتبار للشهداء والجرحى وكشف الحقيقة كل الحقيقة عن قتلة الشهداء...
بالنسبة للحكومة الجديدة القديمة، هناك من ينسبون نجاحات وإخفاقات للسيد مهدي جمعة، وزير الترويكا ومرشح النهضة، حتى قبل أن يباشر مهامه أو يقدم حكومته، ما أقوله هو أن السيد مهدي جمعة هو رجل الترويكا والنهضة والمحاصصة الحزبية إلى أن يثبت عكس ذلك. ننتظر من الرجل قرارات ثورية، بالرغم من أنه لم يفتح ملفات الطاقة والفساد في الشركة التونسية للصناعات البترولية (كإحدى أكبر المؤسسات التي نخرها الفساد وما يزال) في ظل حكومة العمالة، ما ننتظره هو أن يثبت أنه ليس رجل صندوق النقد الدولي وأن يعلن في أقرب فرصة إلغاء الأتاوات التي علق العريض العمل بها ولم يلغها، ما ننتظره هو أن يفتح ملف الطاقة والثروات الباطنية والسطحية على مصراعيه حتى يتمكن المجتمع المدني من اكتشاف هول الخراب والنزيف الذين لحقا بالثروة الوطنية. 

أخيرا، على الشباب الثائر أن يصبر ويصابر وأن لا يكل وأن يوحد صفوفه ويتنظم ويتحد وأن لا ينساق إلى الانقسامات السياسوية التي لا تخدم إلا الأحزاب السياسية التي أثبتت أنها لا تأبه لمعاناته. الكل يعرف أن النهضة وأذنابها شجعت الشباب ودفعت بهم وألقتهم في أتون الجحيم السوري خدمة للأسياد الأمريكان والقطريين، هاهو المجتمع الدولي والقوى العظمى، المتحكمة والحاكمة الفعلية في أنظمتنا، تقر اليوم ضرورة ضرب داعش بجبهة النصرة كبداية لضرب ما يسمى بالتيارات "الجهادية" قبل أن يأتي الدور على جبهة النصرة... هكذا سيكون مصير كل من اختار خيانة الوطن والدين خدمة لمصالح الامبريالية العالمية.

وجوهر القول أن الشباب مطالب اليوم بالتهيكل والتنظم وتركيز قوته وعنفه الثوري حول مطالب اقتصادية واجتماعية واضحة حتى لا يذهب ريح الثورة ويتوه صوتها داخل السوق السياسية التي تحولت إلى غوغائية مشمئزة لا تمت للثورة بصلة.

البوصلة في العودة إلى شعارات 17 ديسمبر : شغل حرية كرامة وطنية.

vendredi 3 janvier 2014

عندما تختار النهضة سلاح الحرب وساحتها وقواعدها

عندما تختار النهضة سلاح الحرب وساحتها وقواعدها


أيوب المسعودي
04 جانفي 2014





تخطئون حين تنازلون أفشل حكومة عرفها تاريخ تونس، حكومة الارتداد والرداءة، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة وتعيش آخر أيام حكمها... إلا إذا كنتم تريدون نفخ روح جديدة في الجسد الميت ومد طوق النجاة إلى حكومة العمالة والخيانة.

فبالرغم من الشعبوية والزيف الذين طبعا عددا من الوعود التي جادت بها قريحة النهضة وتُبَّعُهَا، كمقترح إنشاء كليات طب في عدد من الجهات الداخلية (دون أن ترصد لها الأموال في الميزانية) أو إجبار خريجي الطب على العمل لبضع سنين في مؤسسة عمومية إثر تخرجهم دون سابق تحاور أو تشاور... إلا أنني لا يمكن أن أفهم المعارضة الحادة والقاطعة لدى البعض لهذه المقترحات التي تستجيب، شكلا على الأقل، لانتظارات الجهات المهمشة والمعدمة.

كنت قد كتبت في أكثر من مقال حول براعة النهضة في فن إدارة الأزمات بالأزمات، إذ لا تفوت أزمة إلا وتختلق السلطة القائمة أزمة جديدة تلهي بها طيفا من الرأي العام وتشغل بها طيفا آخر... لقد أتت كل هذه الاقتراحات في الربع ساعة الأخير من حياة الحكومة (إن تحقق ذلك أصلا) وتلتها ردود أفعال من هنا وهناك من شأنها أن تعيد الحياة إلى الجسد العليل...

أفسر:

لقد أجادت النهضة إدارة فشلها وحققت مكاسب جمة من ردود أفعال البعض الذين دوختهم استراتيجيتها. لقد أصابت الحركة أكثر من عصفور بحجر:
أولا، نجحت في التسويق لنفسها كنصير وحليف للجهات الداخلية عبر إطلاق مقترحات لا تعدو أن تكون بالونات اختبار أو فخاخ سرعان ما انطبقت على السذج من المعارضة الذين سارعوا بالتكذيب والنقد والمعارضة عندما كان حريا بهم الدفع مثلا لدعم المقترح بل وأكثر من ذلك الضغط لإقراره في الميزانية وإيجاد الموارد اللازمة له أو مطالبة صاحب المقترح بإيجاد التمويل. بدل ذلك تألقت المعارضة بغيابها ليلة المصادقة على الميزانية ليتم تمرير صندوق "الكرامة" خلسة كما يفعل لصوص منتصف الليل وسط تألق المعارضة بغيابها المعتاد،
ثانيا، بدت النقابة العامة للأطباء، في معارضتها المستميتة لقانون خريجي الطب، كمدافع عن مصالح منظوريها من الأطباء وخريجي كليات الطب ال"ميسوري الحال" مقابل رفضها للدفاع عن حق المعدمين والمفقرين من الجهات الداخلية. هكذا ضربت حركة النهضة نقابة الصحة العتية من حيث لا يحتسب،
ثالثا، لقد أعطى هذا اللغط الدائر هامش مناورة لم تكن النهضة لتحلم به لولا سذاجة البعض وانسياقهم وراء مسائل هامشية.

وجوهر القول أن حركة النهضة تدير اللعبة السياسية برمتها وتسوق الطبقة السياسية سوقا وتحدد أجندة "المعارضة" و"الإعلام" وتوجه الرأي العام وفق مصالحها الفئوية والانتخابية. في الأثناء يحث الحزب الحاكم الخطى للمصادقة على دستور العمالة والارتداد يوم 14 جانفي، تاريخ الانقلاب على المد الثوري، كل ذلك ونحن في غفلة من أمرنا نتجادل ونتخاصم.

المعركة الفصل هي معركة الدستور. أنا شخصيا لا أعترف بغير دستور 17 ديسمبر الذي كتبه الشهداء بدمائهم. نعم لدستور يرسم الطريق أمام استكمال مهمات 17 ديسمبر لإسقاط النظام الاستبدادي في كل تجلياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. المعركة الفصل هي معركة السيادة الاقتصادية والتحكم الذاتي في المقدرات والثروات. علينا جميعا الضغط من أجل:

- فتح ملفات اتفاقيات الطاقة واستغلال الثروات المنجمية بتونس وتداعياتها الاقتصادية والمالية والصحية،
- دسترة علوية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، خاصة عند الأزمات، على الالتزامات والاتفاقيات التي تعقدها الدولة (وهذا من شأنه تمهيد الطريق أمام تجميد تسديد الديون إلى حين التدقيق فيها، الأمر الذي ترفضه الترويكا)،
- دسترة تجريم كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني كعدو قومي يدس الدسائس ويكيد المكائد للحيلولة دون وحدة العرب وتقدمهم،
- إلغاء خطط الوالي والمعتمد والعمدة كامتداد لمنظومة الاستبداد وتعويضها بمجالس قروية ومحلية وجهوية منتخبة،
- تكريس الديمقراطية التشاركية فعلا لا قولا مثلا عبر قانون انتخابي على الأفراد في دوائر صغيرة وإرساء حق 5% من الناخبين في اقتراح مشاريع قوانين...
- منح رئيس الجمهورية سلطتي الاطلاع (حق استدعاء الوزراء للاطلاع على سير أعمال الوزارات) والتحكيم (حق رفض الختم لتعود القوانين إلى المجلس النيابي للمصادقة بأغلبية مدعومة (الثلثين) وإن تعذر ذلك فلرئيس الجمهورية حق الدعوة إلى الاستفتاء الشعبي).

تلك هي البوصلة، تلك هي المعركة.