محاولة
قراءة متأنية لتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة
الجزء
الأوّل
في الحقوق والحرّيّات الفرديّة
ينقسم الشارع التونسي بين مؤيد ورافض لعمل لجنة
الحريات الفردية والمساواة، وهي لجنة بُعِثت من قبل رئيس الجمهورية من أجل إصدار
تقرير وتوصيات بخصوص الموجود والمنشود من التشريعات بما يتلاءم ومطلب الحريات
الفردية والمساواة، وقد أصدرت تقريرا في 235 صفحة (يمكن تحميله هنا).
وقبل أن أقدّم أهمّ ما جاء في التّقرير
وموقفي من الاقتراحات الّتي تضمّنها، ارتأيت قراءة سريعة في ردود الأفعال، إذ من
المؤسف أنّ الرّفض ارتبط كثيرا بمواقف قصووية لا تنطوي على بعد نقدي جدلي، ويمكن
اختصار أهمّ تبريرات الرّفض في:
-
تناقض مقررات عمل اللجنة مع المرجعية
الإسلامية للشعب التّونسيّ،
-
انعدام الحياد والتوازن في تركيب اللجنة،
-
اعتبار الحريات الفردية والمساواة شأنا
"برجوازيا" وبعيدا عن أولويات الشعب والطبقة،
-
اعتبار المبادرة تكتيكا انتخابيا يرمي إلى
التغطية على فشل حزب الرئيس في إخراج البلاد من الأزمة السياسية والاقتصادية،
-
اعتبار المبادرة طوق نجاة للحزبين المتحالفين
من أجل إعادة الاستقطاب الثّنائيّ الّذي سيؤدّي إلى تقسيم كعكة السلطة كما حدث في
الانتخابات السابقة.
في المقابل، قصّرت اللّجنة في بذل المجهود
البيداغوجيّ اللّازم للتّوضيح والتّفسير ورفع الالتباس حول عمل اللّجنة وأهدافها،
كما لم أجد إنتاجات كتابية وفكريّة تذكر لإنارة الرّأي العامّ حول محتوى التّقرير
ومزاياه أو نقائصه، واقتصر التّأييد على قبول التّقرير برمّته دون التّمحيص
والتّدقيق وفق منهج نقديّ وجدليّ.
وفي الحقيقة، ووسط هذا الصّخب والانقسام
والتّجاذب على أسس هويّاتيّة وعقائديّة وعاطفيّة، يكون من العسير إسماع صوت العقل
والحكمة. كما أنّ جلّ الأحزاب السّياسيّة والشّخصيّات الوطنيّة اختارت الصّمت
وانتظار ما ستؤول إليه تحرّكات الشّارع وتوازناتها حتّى تتّخذ موقفا تكتيكيّا
انتخابيّا لا مبدئيّا.
إنّ الرّفض القطعيّ للتّقرير برمّته هو إنكار
للواقع وللمظالم الّتي يعانيها العديد من التّونسيّين بسبب ترسانة قانونيّة بالية
لا تتماشى والتّطلّع للعدالة والمساواة وتشكّل عوائق وتسبّب متاعب وأحزانا
للتّونسيّين، كما أنّ القبول بالتّقرير برمّته دون مجهود نقديّ إنكار للطّبيعة
الإشكاليّة والمركّبة للموضوعات المطروحة.
كما أنّ التّذرّع بأنّ هذا المطلب
"برجوازيّ" المنشأ أو أنّه ليس من الأولويّات هو تمييع لقضيّة تمسّ كلّ
التّونسيّين دون استثناء، ولا وجاهة في التّخيير بين الحرّيّات الفرديّة والحقوق
الاقتصاديّة والاجتماعيّة لثلاث أسباب أساسيّة:
-
لا يمكن الدّفاع عن العدالة الاجتماعيّة
والجهويّة وقبول التّمييز على أساس الجنس أو اللّون أو الجهة أو العرق أو الدّين،
-
لا يمكن قبول المظالم المسلّطة على الأفراد
باسم أولويّات المجموعة الّتي تتكوّن أساسا من أفراد.
-
إنّ حسم الحرّيّات الفرديّة من شأنه التّقليص
من ضغط الجماعة على الفرد لينصبّ بعد ذلك العمل على المشترك العامّ ويُغلق بذلك
باب التّدخّل في خصوصيّات النّاس وخياراتهم الّشّخصيّة.
إنّ الادّعاء بتناقض محتويات التّقرير مع
المرجعيّة الإسلاميّة كلام لا ينمّ عن اطّلاع بالتّقرير، كما يهمّ الإشارة إلى أنّ
جمعيّات مشبوهة روّجت لأكاذيب وافتراءات حول محتوى التّقرير كتجريم ختان الأولاد
الذّكور مثلا، وهو موضوع لم يتطرّق إليه التّقرير لا من قريب ولا من بعيد.
أمّا من يتذرّعون بأنّ التّقرير جزء من تكتيك
انتخابيّ دون أن يدلوا بدلوهم في محتوى التّقرير فهم بدورهم ينطلقون من تكتيك
انتخابيّ ولا يريدون الدّخول في مصادمة مع قواعدهم الانتخابيّة وهم بذلك مساهمون
في التّعتيم والإبقاء على مصادر المظالم والحيف المقنّن.
وسأحاول في هذا المقال تلخيص أهمّ ما جاء في التّقرير.
على أنّ المبدأ من وراء القبول أو الرّفض عندي هو التّيسير وتسهيل حياة النّاس
ورفع المظالم والمضيّ نحو مجتمع يسوده العدل والسّلم.
النّقاط الأساسيّة الّتي أتى عليها التّقرير
غطّى التّقرير المسائل التّالية:
-
تعريف الحقوق والحرّيّات الفرديّة (ص24 و
125)
-
مقاومة التّمييز وإرساء المساواة بين الرجل
والمرأة في الميراث والولاية والحضانة
-
مقاومة التمييز بين الأطفال
-
تنقيح أو إلغاء النّصوص القانونيّة المتناقضة
مع الدّستور والاتّفاقيّات الدّوليّة المرتبطة بالحرّيّات الفرديّة والمساواة في:
o
المجلّة الجزائيّة
o
مجلة العقوبات والمرافعات العسكرية
o
مجلّة المرافعات المدنيّة والتّجاريّة
o
مجلّة الأحوال الشّخصيّة
o
مجلّة الجنسيّ
o
مجلّة الجباية.
وانتهت اللّجنة إلى اقتراح:
-
مشروع مجلة الحقوق والحريات الفردية (ص 99)
-
مشروع قانون أساسي يتعلق بالقضاء على التمييز
ضدّ المرأة وبين الأطفال (222)
وسأفصّل في ما يلي أهمّ النّقاط، لا كلّها،
مع تبيان موقفي من كلّ نقطة والتّعليلات عند الضّرورة.
كما سأسوق لعض الملاحظات حول بعض المقترحات
وحول المنهجيّة العامّة للتّقرير.
التّنقيحات في القوانين الموجودة
الحقّ في الحياة – ص25 و 116
أشارت اللّجنة إلى أنّ التّشريع التّونسيّ
يتضمّن على الحكم بالإعدام في العديد من التّهم الّتي لا ينجرّ عنها موت.
تقترح اللّجنة حلّين:
-
إلغاء عقوبة الإعدام تماما وتعويضها بالسجن
مدى الحياة،
-
التضييق في الحالات القصوى التي يحكم فيها
بالإعدام طبقا للفصل 22 من الدستور.
رأيي : موافق على الاقتراحين مع تفضيلي للمقترح
الأوّل دون تحفّظ
تجريم التحريض على الانتحار ص26 و 118
إلغاء الفصل 206 من المجلة الجزائيّة واقتراح
فصل يجرّم التّحريض على الانتحار أو المساعدة عليه.
رأيي : موافق مع تحفّظ
التّحفّظات: ضرورة تحديد أركان جريمة التحريض على
الانتحار بحيث يستثنى مثلا العمل الفدائيّ في سبيل مقاومة الاستعمار من هذا
التجريم.
الحق في الحرمة الجسدية وتجريم التعذيب ص28 و 119
تنقيح الفصل 101 من المجلة الجزائيّة (خاصّ
بالموظّفين العموميّين) لإضافة الألم أو العذاب المقصود منه نيّة المعاقبة على فعل
لتوسيع تعريف الجريمة.
إضافة فصل 217-1 (جديد) يخص غير الموظفين.
رأيي : موافق مع تحفّظ
التّحفّظات: أرى الترفيع في العقوبة بالنسبة
للموظف العموميّ إلى 10 سنوات وإلى 15 سنة إذا نتج عن التعذيب بتر أو تشويه أو
إعاقة (فصل101) وذلك بالنظر للمسؤولية المحمولة على الموظف العموميّ.
أرى أنّ سكوت التّقرير عن المسؤوليّة
السّياسيّة أيضا هو من النّقائص الأساسيّة في التّقرير ورأيي أن يتمّ التّشديد في
العقوبة على المسؤولين السّياسيّين من أجل تكريس إرادة حقيقيّة في القطع مع
التّعذيب كسياسة دولة وحثّ المسؤولين السّامين على وضع سياسات وبرامج فعليّة لمقاومة
هذه الجريمة.
تجريم هتك
قرينة البراءة ص29-34 و 120
يخصّ
احترام قرينة البراءة
إضافة فصل
249 إلى المجلّة الجزائيّة يجرّم هتك قرينة البراءة والإيقاف التّعسّفيّ ويعاقب مرتكبها
بخطيّة ماليّة.
رأيي : موافق مع تحفّظ
التّحفّظات: ضرورة إلغاء الفصلين 128 من المجلّة
الجزائيّة والفصل 91 من مجلّة العقوبات والمرافعات العسكريّة الّذين يحتويان على
عقوبات سالبة للحرّيّة لجرائم مماثلة والّتي تجعل من الموظّفين العموميّين
والعسكريّين من درجة فوق درجة المواطنين. وهذا ينسجم مع فلسفة التّقرير في الذّهاب
نحو الحدّ من العقوبات السّالبة للحرّيّة خاصّة وأنّ الفصلين المذكورين يدخلان في
مجال حرّيّة التّعبير.
رفع القيود
الدينية على الحقوق المدنية ص34 و121
يخصّ إلغاء
بعض فصول المجلّة الجزائيّة أو تنقية بعضها من الإشارة إلى دين المعنيّين بالفصل
كالفصول 317، 720، 1253...
رأيي : لا أوافق على كلّ الاقتراحات كما أتت، ففي
تنقيح بعض الفصول الكثير من الوجاهة ولكن بعضها يمسّ من القناعات الفرديّة ويتضارب
مع حرّيّة الضّمير، ولذلك وجب تأجيل هذا النّقاش أو إفراده بنقاش موسّع مع
المختصّين في القانون والعلوم الشّرعيّة من مختلف الدّيانات لوجود أرضيّة مشتركة
وصياغات سلسة لا تصطدم مع إرادة الأفراد في التّعاقد وفق قناعاتهم الدّينية.
إنّ الحرّيّات الفرديّة كما عرّفها التّقرير
تمارس دون الحاجة إلى الغير بينما التعاقد والالتزام هو بين أكثر من فرد وبالتّالي
أرى التّريّث في هذه المسألة.
في جريمة
التجاهر بالفحش ص40 و129
تنقيح
لأحكام الفصل 226 من المجلّة الجزائيّة الخاصّ بالتّجاهر بالفحش والّذي لم يحدّد
بدقّة أركان الجريمة وبالتّالي يفتح الباب للتّعسّف في التّطبيق. وقد تمّ إعطاء
تعريف محدّد لأركان هذه الجريمة وهي الاتيان بعمل جنسيّ أو تعرية مواطن حميميّة من
البدن قصد إيذاء الغير" وقد تمّ الحطّ في العقوبة من السّجن إلى الخطيّة
الماليّة.
إحداث فصل
خاصّ بجريمة السّبّ،
رأيي : أوافق
تحفّظات: الإبقاء على عقوبة السّجن إن كان من بين
الضّحايا أطفال
اقتراح: إلغاء الفصل من المجلة
الجزائيّة125 (هضم جانب موظف عمومي الذي شكل وما زال سيفا مسلطا من الموظفين على
المواطنين في عديد الحالات، رأيي أن نكتفي بمقترح إحداث جريمة السّبّ).
في حماية الحياة الخاصّة ص40
قدمت اللجنة تحديدا لمفهوم الحياة
الخاصّة الّتي يحميها الدستور ومكوّناتها (الاسم، المظهر، الحياة العاطفيّة
والجنسيّة، حياته العائليّة ...)، وقد كرّست حمايتها في مقترحات في مشروع مجلّة
الحقوق والحرّيّات الفرديّة الّذي سأتعرّض إليه لاحقا.
هذا المفهوم محوريّ في فهم مقترحات
أخرى في التّقرير
رأيي : أوافق
تحفّظات: كان من الأجدر إعطاء تعريف شامل لمفهوم الحياة الخاصّة
دون حصر المكوّنات الّتي يمكن أن تتطوّر وتتوسّع مع تطوّر المجتمعات ووسائل
الاتّصال.
في مسألة تجريم اللّواط والمساحقة ص42 – 89 -
124
اقتراح إلغاء الفصل 230 من المجلّة
الجزائيّة. هو فصل
يجرّم الّواط والمساحقة حتّى وإن دخل في مجال الحياة الخاصّة للأفراد. وإذا قبلنا
بمثل هذا الفصل فلماذا لا نجرّم أيضا ممارسات جنسيّة "حميميّة" بين
الأزواج قد لا يحلّها جمهور الفقهاء فتتدخّل الدّولة حين إذ في العلاقات الحميميّة
وتفاصيلها؟ إنّ تجريم المجاهرة بالممارسة الجنسية أيا كانت طبيعتها في الطريق
العامّ أو قصد إيذاء الغير (أنظر اقتراح تنقيح الفصل 226 أعلاه) كفيلة بدرء
المضرّة الّتي يمكن أن تلحق بالغير، أمّا الممارسات الجنسيّة الخاصّة بين أفراد
رشد فهي تخصّهم دون غيرهم وهم مسؤولون عنها دينيّاّ.
كما تقترح اللّجنة تحجير الفحوصات الطّبّيّة الّتي
تتمّ دون رضا المعنيّ والحاطّة من كرامة الإنسان كالفحص الشّرجيّ.
هكذا، إذا اعتبرنا حماية
الحياة الخاصّة وتجريم المجاهرة بالفاحشة وتجريم الفحص الشّرجيّ واستحالة إثبات
المساحقة، يكون الفصل 230 غير ذي جدوى ووجب إلغاؤه.
رأيي : أوافق دون تحفّظ
تحفّظات:
في مسألة الحرّيّات الفنّيّة والأدبيّة
والأكاديميّة 98 – 114
اقتراح إضافة فصل 135 مكرر جديد و 136
مكرر جديد بخصوص التّعرّض للأعمال الفنّيّة والأدبيّة والعلميّة.
رأيي : أوافق دون تحفّظ
تحفّظات: لا أعارض الفكرة العامّة على أن يتمّ تحديد ماهيّة العمل
الفنّيّ والأدبيّ والعلميّ ويتمّ استثناء كلّ عمل يمجّد دولا أو تنظيمات أو أفكارا
أو أيديولوجيات ذات طبيعة استعماريّة عنصريّة أو استبداديّة أو فاشيّة أو تحرّض
على العنف والتّباغض والعنف (الكيان الصّهيونيّ نموذجا).
لا يمكن هكذا رفع كلّ الحواجز بهذه الإطلاقيّة خاصّة وأنّ البحث
العلميّ أو التّعليم موجّه إلى الآخرين ولا يعتبر من الحرّيّات الفرديّة -
فالتّطبيع مع الكيان الصّهيونيّ أو أيّ كيان استعماريّ غاشم آخر فيه تمجيد ونشر
لأفكار معادية للإنسانيّة كالعنصريّة والفصل العنصريّ وقتل الأطفال... وهي جرائم
وليست مواقف أو أفكارا.
كما أنّه لديّ احترازات على تأويل
اللجنة لبعض القوانين كتلك الخاصّة بالجمعيّات بتدخل جمعيات في شؤون الغير : هنا أعارض تماما رأي اللجنة بخصوص
تأويلها للفصل 14 من مرسوم الجمعيات خاصّة وأنّها استندت لمثال لا علاقة له
بالحريات الفردية (ص 83): إذ اعتبرت مثلا تدخل جمعية "مقاومة الامبريالية
والصهيونية" لمنع رحلات إلى القدس أو منع عرض الصهيوني ميشال بوجناح كتدخل في
الحياة الفردية والحال أنّ العرض الفنّيّ لا يدخل في مجال الحرّيّات الفرديّة بما
أنّ الفنّان يلجأ إلى غيره (الجمهور) لممارسة حقّ العرض (وهو ما يتعارض مع
التّعريف الّذي أقرّته اللّجنة ذاتها ص24 من التقرير والفصل الأوّل من مشروع مجلّة
الحقوق والحرّيّات الفرديّة المقترح ص 105)، وبما أنّ بوجناح صهيونيّ يعترف
بمساندته لجيش الكيان الصّهيونيّ فلا يمكن قبول عرض فنّيّ يُقَدَّم للعموم يكون
واجهة للتطبيع مع كيان غاصب يمارس الفصل العنصريّ والقتل والاحتلال في تحد صارخ
للقوانين الدولية والقرارات الأممية.
وهنا تأتي ضرورة إصدار قانون يجرّم
التّطبيع بكلّ أصنافه بما فيه الفنّيّ والأدبيّ والأكاديميّ.
في سرية المرافعات ص80 – 123
فصل 117 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية وفصل 143
من المجلة الجزائيّة: إدراج مبدأ حماية الحياة الخاصّة كتبرير ممكن للمرافعة
السرية.
إضافة فقرة إلى الفصل
252 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية لمنع تسليم الأحكام الصادرة عن مرافعات
سرية لغير المعنيين حماية للحياة الخاصّة إلّا بحكم استعجاليّ.
رأيي : أوافق بتحفّظ
تحفّظات: وجب إضافة شرط يحدّ من سلطة المحكمة
والنيابة العمومية ويستوجب علانية المرافعة إذا كانت الجريمة ألحقت ضررا بالمصلحة
العامّة (الصّحّة العموميّة، المال العامّ، جرائم سياسيّة) وذلك لضمان حقّ
المواطنين والصّحفيّين في الاطّلاع على أطوار القضيّة.
في إعادة تنظيم حالة الطّوارئ ص77 – 129
إشارة إلى صلاحية وزير الداخلية لوضع أي شخص تحت الإقامة
الجبرية دون ضمانات في حالة الطّوارئ ، نفس الملاحظة تسري على صلاحيات الوالي في
حالة الطوارئ .
رأيي :
التوصية محتشمة ولا تنطوي على اقتراح ضمانات
أو آليات للحد من سلط الوزير والوالي والحال أنّه لا يمكن أن يتواصل العمل بهذه
الصّلاحيّات الواسعة بعد إقرار اللّامركزيّة وإرساء المجالس البلديّة والجهويّة ووجب تشريك الممثّلين المحلّيّين في
القرارات والتّدابير المتّخذة في حالة الطّوارئ.
ملاحظة عامّة : ضرورة مراجعة بعض العقوبات لتكون منسجمة
مع الفلسفة العامّة الّتي أعلنتها اللّجنة والّتي ترمي إلى الحدّ من العقوبات
السّالبة للحرّيّة متى أتيح ذلك، فمثلا لماذا اقتراح إسقاط
عقوبة السجن بخصوص التجاهر بالفاحشة (ص86) ولم يتم ذلك بخصوص إفشاء الأسرار (اقتراح
التنقيح للفصل 254 من المجلة الجائية ص 122)، هناك نقص على مستوى انسجام المقترحات
مع فلسفة ناظمة. وأرى ضرورة الإبقاء على عقوبة السجن بالنسبة للفصل 226 مثلا من
المجلة الجزائيّة (في حالة التعري وكشف العورة) فقط إذا كان من بين الضحايا أطفال.
في المنشور المتعلق بإغلاق المقاهي والمطاعم
في شهر رمضان ص 129
توصي اللجنة بإلغاء المنشور
رأيي: أوافق، ذلك أّنّ الحرّيّة أساس المسؤوليّة
دينيّة كانت أو قانونيّة
تحفّظات:
مقترح مشروع مجلة الحقوق والحرّيّات الفرديّة-
ص104
يمكن اعتبار ما جاء في المجلّة ثورة في مجال
الحقوق والحرّيّات ومقاومة التّمييز في التّمتّع بهذه المكتسبات مهما كان شكل
التّمييز، جنسيّا أو عرقيّا أو دينيّا أو جهويّا. كما تحتوي على فصول في غاية
الأهمّيّة تكرّس قانونيّا:
-
الحقّ في الإسعاف مجّانا لكلّ من حياته في
خطر،
-
الحقّ للأطفال المحرومين من حرّيّتهم لجرم
ارتكبوه أن يفصلوا عن الراشدين،
-
ضمانات بخصوص الاحتفاظ (الإعلام فورا
بالأسباب، الحق في إعلام من يختاره المعنيّ، الحقّ في الخضوع للفحص الطّبّيّ)،
-
الحق في التعويض لضحايا الإيقاف التّعسّفيّ
أو الغير قانوني،
-
إلغاء عقوبة الإعدام،
-
الحق في احترام الكرامة،
-
تجريم هتك قرينة البراءة وتعريض مرتكبه للتتبع
الجزائي،
-
منع تسليم الأجنبيّ إلى دولة حكمت عليه
بالإعدام،
-
منع الاسترقاق والاستعباد والإخضاع القسريّ
للخدمة،
-
احترام الحرمة الجسديّة،
-
حرية المعتقد والضمير
-
حماية الحياة الخاصّة والمعطيات الشّخصيّة
والحقّ في مراقبة استخدامها والاطّلاع عليها من قبل المعنيّين،
احترازات وملاحظات بخصوص بعض فصول المجلّة
-
لا أوافق على الفصل 6 الّذي يحجّر التّراجع
عن ما تضمّنته المجلّة من حقوق وحرّيّات وأرى فيه مصادرة على المستقبل (تماما كما
أعارض وجود الفقرة الثانية من الفصل الأوّل من الدّستور)،
-
تجنّب الإطلاقيّة في بعض الفصول كالفصل 7
وضرورة إضافة "ما لم تضرّ بحقوق الغير"،
-
الفصل 9 موجب أيضا لتنقيح الفصل 74 من
الدّستور ووجب في رأيي تنقيح هذا الفصل الدّستوريّ لاحتواءه شرطا تمييزيّا وغير
قابل للإثبات (أن يكون الرّئيس مسلما) والتّأكيد على نظافة اليد والذّمّة الماليّة
مثلا،
-
الفصل 10 : ضرورة استثناء الانتدابات ذات
الطّبيعة الأمنيّة إذ لا يمكن انتداب الأجانب في سلك الأمن أو الجيش أو
الاستخبارات مثلا،
-
الفصول 23 و 26 : أحبّذ عبارة
"يحجّر" على "لا يجوز"
-
الفصل 28 : غامض وقد يفتح على الاستعمال
الخاطئ للحرّيّة ويتعارض مع الفصل 226 من المجلة الجزائيّة، وأرى الاكتفاء بالفصل
25 من مشروع مجلة الحقوق والحريات الفردية المقترح،
-
ص65 - هناك إشارة إلى ضرورة
تنقيح القانون لتحديد بداية الاحتفاظ (الذي يحددها الفصل 13 مكرر (جديد)
من المجلة الجزائية ب 48 ساعة) ولكن لا وجود لمقترح تنقيح محدد،
-
الفصول 52 إلى 55 و74 إلى 85: أنظر تحفظاتي
بخصوص مسألة الحريات الفنية والأكاديمية وعلاقتها بقضيّة التّطبيع.
-
الفصل 69 : ضرورة إضافة "ما لم يتعارض
ذلك مع القوانين المنظّمة للصّحافة والاتّصال السّمعي البصريّ"
-
الفصل 73: أرى حذف "أو مهنيّة"
لأنّها لا تدخل في مجال الحياة الخاصّة والحقوق الفرديّة وتتعارض مع حقّ النّفاذ
إلى المعلومة والوثائق الإداريّة.