زمن النفاق السياسي،
في هذا البرد القارس، تتهاطل الثلوج على مرتفعات الشمال الغربي الشامخ دون أن تطفئ قلوب شباب الكاف المحترقة غضبا وحسرة،
غضب على ساسة تونس الجدد الذين لا يختلفون في شيء عن سابقيهم في المكر والخداع والمناورة مع تميز في الغباء وقلة الحيلة والعمالة وارتهان مستقبل البلاد لقوى خارجية في وقت قياسي.
حسرة على نكبة الثورة التي أتت بمستبدين جدد، باسم الإسلام والعروبة وهما براء منهم، حسرة على دماء الشهداء الأبرار الذين زهقت أرواحهم هباء فلا محاسبة ولا تشغيل ولا حرية ولا عدالة بل رش وغش وتستر على القتلة.
غضب على نخبة سياسية هجرت سفينة الثورة المنكوبة بالغدر والمكر، نخبة مترنحة تلاطمها إغراءات السلطة والكراسي وأحزاب شقت صفوفها التلويحات بتخوير وزاري يقصي هذا ويغري ذاك،
حسرة على مجلس تأسيسي تتراقص فيه الديكة مستعرضة نشازها وجهلها وجبنها...
غضب على نخبة انقسمت بين تجمع جديد ملتح وتجمع قديم مهترء لا فرق بينهما سوى الشكل والإسم... قبل أن يتحالفا (قريبا)، باسم التوافق والمصلحة العليا للوطن... أو تحت إملاءات صندوق النقد الدولي والقوى العظمى التي تحركه...
في الأثناء، يخيط أبناء الكاف أفواههم تحت خيمة بسيطة، متلحفين بالعلم الوطني وبعض الأحلام والآمال، هناك أمام مقر الولاية، هناك أمام رمز السيادة والدولة، أو ما خيل لنا أنها دولة، يجوع الشباب في برد جبال الكاف، بعيدا عن ضوضاء العاصمة ودفء قصور قرطاج والقصبة و باردو وأضواء الكاميرا المسلطة على النجوم الجدد.
ولكن حذاري حذاري من هذا الغضب،