الحنشة... وميليشيا النهضة
02 سبتمبر 2012
هل حدثتكم عن الحنشة؟
هل حدثتكم عن قصتها مع الليل؟
هل حدثتكم عن أطفالها وكبارها، وعن شيبها وشبابها؟
هل حدثتكم عن معركة الحياة والوجود؟
هل حدثتكم عن معركة الحياة والوجود؟
وعن حربها مع بني صهيون؟
حرب مع إرهابية مجندة إسمها وزارة الداخلية؟
...
...
إنها ميليشيا النهضة يا مولاي
زرت معتمدية الحنشة يوم 02 سبتمبر 2012 للتحدث إلى متساكنيها واستفسارهم عن ما جرى ليلة 23 أوت 2012
بعد زيارتي إلى معتمدية الحنشة من ولاية صفاقس البارحة الأحد 02 سبتمبر 2012، أنقل إليكم في هذا المقال شهادات حية لعدد من متساكني معتمدية الحنشة من ولاية صفاقس حول أحداث أيام 22، 23، 24 و 25 أوت 2012.
إنه لمن المخزي أن تتعامل حكومة الترويكا بهذا الجحود مع معتمدية الحنشة وأهاليها وتاريخها. لمن لا يعرف عراقة تاريخ معتمدية الحنشة من ولاية صفاقس (40 كم شمال الولاية)، نذكر أن هذه المنطقة قدمت الغالي والنفيس في أهم المعارك المفصلية والمصيرية في تاريخ تونس من مقاومة الاستعمار الخارجي إلى الحرب على الاستعمار الداخلي في انتفاضات 1978 و 1984 ومن بعدها ثورة الحرية والكرامة.
لم تختلف سياية الترويكا مع الحنشة وولاية صفاقس بصفة عامة عن تلك التي تنتهجها مع سيدي بوزيد ومعتمدياتها. وكأن الساسة الجدد مصرون على معاقبة وتركيع معاقل الثورة والمقاومة والصمود، والكل يعرف دور بواسل سيدي بوزيد وصفاقس في الثورة ورصيد هاتين الولايتين الشامختين في تاريخ حركات التحرر والمقاومة الوطنية ضد الاستبداد بوجهيه الخارجي والداخلي. إن حكام ما بعد "الثورة" اختاروا طريق القمع واللجم والإهانة لمعالجة حالة احتقان اجتماعي ما فتئت تزداد حدة وعمقا.
كما أن التوترات التي عاشتها المعتمدية في الآونة الأخيرة، وخلافا لما يروج في بعض وسائل الإعلام، لا تعود إلى مجرد صراع مواقع أوخلاف حول تركيبة الجمعية التنموية بالمنطقة فحسب، بل إن حادثة مؤتمر الجمعية الذي أرادت حركة النهضة وأعيانها وميليشياتها فرضه بالقوة على أهالي الحنشة، وإن مثلت تجليا واضحا لإرادة الهيمنة والإقصاء لدى هذا الحزب، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وأفاضت صبر أبناء المعتمدية وأججت سخطهم على سياسات الممثلين المحليين لحكومة الترويكا.
1- انسحاب الدولة من دورها الاقتصادي والاجتماعي
لقد عانت الحنشة ومازالت من سياسات التهميش والتفقير التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من نصف قرن. فعلى الرغم من تموقع معتمدية الحنشة في منطقة استراتيجية (40 كم شمال الولاية على مقربة من الطريق السيارة 1) تجعلها بوابة ولاية صفاقسالأولى، هذه الولاية ذات الديناميكية الاقتصادية العظيمة، فإن الأهالي يعانون الافتقار إلى أدنى مقومات كرامة العيش كالمرافق العمومية الأساسية :
- بنية تحتية مترهلة
- شوارع غارقة في الأوحال ومياه الأمطار
- مستشفى محلي يفتقر إلى أوكد التجهيزات
- حوالي 2000 منزلا يفتقرون للماء الصالح للشراب (في معتمدية ذات 60000 ساكن)
- مناطق صناعية استولى عليها أزلام النظام البائد بالدينار الرمزي زمن بن علي لتقبع اليوم مهجورة مهملة دون تمكين شباب الجهة من استغلالها
- نسبة بطالة عالية (تقارب 23%) خاصة إذا قارنناها بالمعتمديات الأخرى بالولاية...
هذا كما أن ما رصد من استثمارات بالمعتمدية (15 مليون دينار من أصل 450 مليون دينار مخصصة لكامل ولاية صفاقس) لا يعكس تطلعات أبناء الحنشة المتعطشين لتنمية معتمديتهم من أجل الحد من البطالة والنهوض بظروف عيشهم. كما أن اللافت في المشاريع القليلة المرصودة هو أن 9 مليون دينار (من أصل 15 مليون دينار) ستوظف لنقل المنطقة الصناعية المعروفة ب Poudrière 2 من الولاية إلى معتمدية الحنشة مع ما سينجر عن ذلك من تلوث وأضرار صحية دون خلق مواطن شغل جديدة.
هذا ومن بين المشاكل التي أثارت سخط أبناء الجهة وغضبهم على ممثلي السلطة المحلية هو مماطلة المسئولين في تسخير مقر مهمل تابع للولاية لصالح أحد المستثمرين الذين قرروا بعث مشروع (يشغل حوالي 350 موطن شغل) مما دفعه إلى الاستقرار بأكودة... الأدهى والأمر هو أن المقر المذكور كان على ذمة أحد أزلام النظام البائد الفاسدين ولم يف بتعهداته في استغلال المقر أو دفع أجرة الكراء ...
2- حضور القمع والترويع والنفاق بدل الوفاق
تقوم سياسة حكومة الترويكا على انسحاب الدولة من كل دور اقتصادي واجتماعي مقابل تفويض ممثليها المحليين (الوالي والقوة العامة الخاضعة له جهويا ومحليا) لكسر كل صوت يطالب بالكرامة والتشغيل والتشريك في تحديد السياسات المحلية والجهوية التنموية منها والاقتصادية والاجتماعية.
لقد أسست القوى السياسية والنقابية والمدنية تنسيقية محلية تضطلع بتمثيل المعتمدية في المفاوضات الاجتماعية مع المسئولين الحكوميين المحليين، وقد أمضت هذه التنسيقية اتفاقا مع الوالي يوم 05 جويلية 2011 يخص عددا من المشاريع (كتهيئة مناطق صناعية بالمعتمدية وتوسيع المستشفى المحلي وتزويده بالتجهيزات الأساسية، بعث مكتب تشغيل محلي بالمعتمدية، استرجاع الدولة للأراضي التي منحت لمستثمرين فأهملوها ووجهوا استغلالها نحو المضاربة العقارية، حتى يتسنى لأبناء الجهة أو الدولة استغلالها في مشاريع مشغلة)... كما أجرت نفس الجهات عددا من جلسات التفاوض مع الوالي الجديد بدأت منذ أفريل 2012 أضفت إلى تحديد خارطة طريق يتم بموجبها الشروع في المشاريع المذكورة قبل 20 جوان 2012، وهو ما لم يتم...
ثم أتت أزمة الجمعية التنموية لمعتمدية الحنشة والتي تمثل برأيي مؤشرا جديدا ودليلا واضحا على النزعة الإقصائية التي تقود سياسات حركة النهضة والتي تنوي من خلالها الهيمنة على مفاصل الدولة والاستئثار بالقرار الوطني والجهوي والمحلي في كل المجالات.
إن طريقة تعاطي حركة النهضة مع هذه القضية تحيلنا على سياسة الإقصاء والانقلاب على التوافق والحوار والتشاور التي يمكن سحبها على تعاطي الحركة مع كل ملفات الشأن الوطني وكذلك تعاملها حتى مع حلفائها في الحكم.
ونذكر بأن الجمعيات التنموية هي من أهم المؤسسات الممولة للمشاريع الصغرى على المستوى المحلي وعادة ما تضخ أموال طائلة في هذه الجمعيات (مئات الآلاف من الدنانير) عن طريق البنك التونسي للتضامن مثلا من أجل إقراض باعثي المشاريع الصغرى. وبالتالي فإن التعاطي مع هذه الجمعيات على أساس المحاصصة الحزبية يشكل خطرا فعليا يهدد الدور الاجتماعي المحلي الذي يهدف إلى مد يد المساعدة إلى باعثي المشاريع وكل تسييس لهذه المؤسسة أو محاولة وضع أطراف سياسية يدها على مقدرات هذه الجمعيات أو محاولة هيمنة طرف بعينه عليها قد يفتح الباب أمام الابتزاز والاستغلال والتوظيف السياسي قصد شراء الولاءات وخدمة مآرب سياسية ضيقة لا علاقة لها بهموم المتساكنين.
الانقلاب
إن ما حصل يوم 22 أوت 2012 هو انقلاب على مبدأ التوافق ومحاولة من طرف حركة النهضة، بمعية الوالي والقوة العامة الخاضعة له محليا والتي تحولت إلى ميليشيا وعصابة في خدمة أجندة حركة النهضة، لبسط نفوذها على الجمعية واستبعاد كل من يخالفها الرأي والتوجهات في تسيير هذه المؤسسة الهامة.
فقد اتفق حوالي 17 حزبا وجمعية (في غياب حركة النهضة التي رفضت الحضور) في شهر مارس 2012 على توخي مبدأ التوافق في اختيار تركيبة الجمعية التنموية بالمعتمدية. وفي خرق واضح لمبدأ التوافق وتجاوز صارخ للشركاء السياسيين والمدنيين بالجهة، قررت حركة النهضة بإيعاز من الوالي وتحت الحراسة المشددة للميليشيات الأمنية الخاضعة لحركة النهضة، عقد مؤتمر الجمعية يوم 09 أوت 2012 بالانخراطات المتوفرة إلى ذلك التاريخ. إلا أن القانون الداخلي للجمعية لا يسمح بالانتخابات وهو يربط الانخراط بالجمعية بموافقة المكتب القديم (الذي تم حله بعد الثورة)، وهو ما يخلق فراغا قانونيا ويفرض مبدأ التوافق أخلاقيا وقانونيا، وهو ما دفع بالمواطنين إلى الاحتجاج ورفض عقد المؤتمر بتاريخ 09 أوت.
وإليكم نسخة عن القانون الأساسي للجمعية (أنظروا خاصة الفصول 7 و 13 والتي تنص على أن أعضاء الهيئة "شرفيون")...
هذا وعقدت حركة النهضة العزم على عقد المؤتمر بالانخراطات المتوفرة (143 منخرط محسوب على حركة النهضة من أصل 144) يوم 22 أوت بدفع من والي الجهة الذي أعطى التعليمات لقوات الأمن لفتح دار الثقافة وتسخيرها للغرض. الأمر الذي دفع أهالي الجهة إلى التوجه إلى دار الثقافة للاحتجاج على عقد المؤتمر والانقلاب على الاتفاق الذي أبرمه 17 حزبا وجمعية بالجهة. فما كان من أحد الوجوه المعروفة بانتماءها إلى حركة النهضة (السيد التوهامي درويش) إلا أن وجه تهديدا على الملأ بإدخال كل من تسول له نفسه معارضة انعقاد المؤتمر السجن، متشدقا بمعرفته الشخصية وقربه من وزير الداخلية علي العريض... (أنظر الشهادات أسفله):
الأمر الذي سرعان ما تحول إلى حقيقة حيث قام أعوان الأمن بحملة إيقافات عشوائية لعدد كبير من المواطنين (حوالي 77)، تم إطلاق سراح عدد كبير منهم بعد أن تعرضوا لمختلف أنواع الإهانة والاعتداءات الجسدية والمعنوية وانتهكت حرمات المنازل وأعراض الناس.
3- شهادات أهالي معتمدية الحنشة حول أحداث 23، 24 و 25 أوت 2012
يجدر الذكر أن بعض الشهود لقوا حرجا في ذكر الألفاظ والعبارات النابية التي تلفظ بها أعوان الأمن من قبيل ما توجه به أحد أعوان الأمن إلى مواطن كان يطل من شرفة منزله رفقة زوجته حيث خاطبه قائلا "أدخل أنت و الق... متاعك يا ميب...". كما سمعت في أكثر من شهادة أن أعوان الامن كانوا يرقصون في الشارع منادين "أخرجوا لنا نساءكم لنفعلوا كذا وكذا....".
وأترك لكم الاستماع إلى بقية الشهادات الغنية عن كل تعليق:
قنبلة مسيلة للدموع ألهبت وسادة بمنزل أحد متساكني الحنشة... ماذا كان سيحصل لو أنها أصابت طفلا؟؟؟
حتى الرضع لم يسلموا من القنابل المسيلة للدموع
Ce commentaire a été supprimé par l'auteur.
RépondreSupprimerMerci pour ce que vous avez fait en tant que conseiller du président.
RépondreSupprimerContinuez à faire votre devoir de bon citoyen honnête et nos comme les soumis de votre ancien parti.
Comme la plupart des Tunisiens, je vous soutiendrai jusqu'au bout.